U3F1ZWV6ZTI0NjY0MjE3MzIzNzVfRnJlZTE1NTYwMzIxMDIxNDE=

أزمة العزوف السياسي والنقابي

   أزمة العزوف السياسي والنقابي        

 بقلم الاستاذ عزيز أمنهو

مما لا شك فيه أن المغرب يعرف أزمة على مستوى المؤسسات الحزبية والنقابية؛ أزمة تتجلى أساسا في فقدان المواطنين عموما، والشباب خصوصا، الثقة في هذه الأجهزة، التي تلعب دور الوساطة بين الدولة والمجتمع؛ هذا العامل، أي عامل فقدان الثقة، أدى بدوره إلى العزوف النقابي والسياسي للشباب، ما انعكس سلبا على
.المجالس المنتخبة محليا، إقليميا، جهويا ووطنيا
تعبنا كثيرا من الوصف والنقد، وصف الأحزاب أنها "كارتونية"، واتهام النقابات أنها "باعت الماتش"، واعتبار المجالس المنتخبة  مجالس فاسدة، نجتر يوميا الخطاب نفسه، الأسطوانة ذاتها نسمعها كل لحظة، وواقع الحال ثابت في مكانه لا يرتفع. نحن في حاجة الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى تقديم حلول لتجاوز الأزمة السياسية والنقابية؛ في حاجة إلى أفكار وآراء تغير الواقع، في حاجة إلى رؤى منطقية وتصورات تنقذنا من اللامعنى والتيه السياسي الذي نعيشه

ذات يوم، كنت في نقاش مع أحد زملائي في العمل حول دور النقابات في حماية القطاعات الحيوية، بدأ زميلي يتكلم عنها باعتبارها تستغل المنخرطين، وأنها سمحت بتمرير مخططات وقرارات ضد الشغيلة... فقلت له لنفترض جدلا أن هذه الهيئات المدنية خذلتنا كما قلت، ما الذي قمت به أنت لكي تكون هذه الإطارات في المستوى المطلوب، لأن قوة أي تنظيم تتجلى في قوة منخرطيه؟ هل تحضر الاجتماعات المحلية والإقليمية والجهوية لهذه النقابات؟ هل أنت منخرط فيها أصلا؟ هل أنت فاعل في إحداها؟ هل تعلم أن أي تنظيم يكون قويا بنضالات منخرطيه وعددهم؟ هل تعلم أن نسبة المنخرطين في النقابات بالمغرب هي 4 في المائة فقط؟ كيف يمكن تصور عمل نقابي جاد دون انخراط العمال والكادحين والموظفين في هذه الهيئات؟
في الحقيقة، نحن أمام مجتمع يريد أن تتحسن أوضاعه الاجتماعية والسياسية دون أن يساهم في ذلك، دون أن يقدم التضحيات، دون أن يبادر، دون أن يؤسس لعمل سياسي جاد وفعل نقابي مسؤول، دون أن يعطي من وقته وماله. نحن أمام فئة من الشباب ينتظر ويطلب أن تكون الأحزاب والنقابات قوية لكي ينخرط فيها، ولا يدرك أنها لن تكون كذلك سوى بنضالاته وتضحياته. الكلام عينه ينطبق على المجالس المنتخبة؛ لا يمكن تصور مجلس جماعي منتخب في خدمة الصالح العام وأغلبية الناس لا تشارك في تحديد واختيار هذه المجالس. معظمنا يدير ظهره للعملية الانتخابية، معظمنا لا يبالي بعملية التصويت واختيار المرشحين، معظمنا قدم استقالته من هذه اللعبة المصيرية في تحديد من سيمثل الساكنة ويدافع عن مطالبها بشراسة أمام الأجهزة والمؤسسات الأخرى، معظمنا لا يشارك ولا يساهم في اختيار هذه المؤسسات الرسمية، ورغم ذلك، ننتظر ونطلب منها أن تقوم بدورها في إحداث التنمية والإنصات إلى هموم المواطنات والمواطنين. إنه العبث والتيه في أبهى تجلياته؛ نرفض دخول هذه المؤسسات ونطلب من خارجها أن تقوم بدورها. النقد خارج المؤسسات يا معشر الفيسبوكيين كالذي يغرد خارج السرب، ألا تدركون أن العزوف السياسي والنقابي يكرس الأزمة ويجعلنا ندور في حلقة مفرغة، يا معشر الفيسبوكيين ماذا عن القاعدة التي تقول: الأسباب نفسها تؤدي إلى النتائج ذاتها، لذلك لا بد من تغيير الأسباب لكي تتغير النتائج. في الحقيقة نحن من ساهم في وصول بعض الأميين والانتهازيين إلى مناصب القرار، لكي يتلاعبوا بمصير الميزانيات والصناديق؛ بعزوفنا السياسي صوت البرلمان بغرفتيه ضد رفع ميزانية القطاعات الاجتماعية الحيوية، كالصحة والتعليم، بعزوفنا السياسي اختُلست الميزانيات مع التلاعب في المشاريع التنموية. في الحقيقة نحن، المقاطعين والعازفين، نتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في التنمية المعطوبة ببلادنا
حتى نكون عادلين ومنصفين في تقييمنا للأمور، هناك بعض الأحزاب السياسية وبعض النقابات تحترم ذكاء المواطنين، وتعبر عن اهتمامات الكادحين والمقهورين، لأننا نحن، الفيسبوكيين، عاجزون عن الفعل والمبادرة في الواقع؛ نضعها كلها في خانة واحدة، لكي لا ننتقل إلى المرحلة الأصعب، أي مرحلة الفعل والانخراط والنضال. نعم هذا ما نخشاه، النضال، التضحية، الصبر، العمل والالتزام، لأننا غير قادرين على زحزحة قلاع الظلم والطغيان، غير قادرين على مصارعة قوى الفساد في الواقع وليس في العالم الافتراضي. تجدنا نردد يوميا وفي كل لحظة: النقابات "مخزنية"، الأحزاب "كرتونية"، "مكاينش مع من"، مجالس منتخبة "فاسدة"؛ كلها تبريرات نستعين بها لكي نشعر بنوع من الطمأنينة والرضا النفسي ونبعد عنا المسؤولية السياسية والاجتماعية عما يحدث، في
حين أننا نحن، معشر المقاطعين والنقاد الفيسبوكيين، نتحمل الكثير من الوزر فيما حدث ويحدث وسيحدث

عزيز أمنهو استاذ مبرز لمادة الفيزياء و الكمياء
Aucun commentaire
Enregistrer un commentaire

Enregistrer un commentaire

NomE-mailMessage

Rechercher dans ce blog